تعتبر مدينة مراكش ارض اولياء الله الصالحين، لا يكاد يخلو حى من احياءها من ولي و صالح وقد نجد اكثر من ولي وصالح في حومة واحدة. الم يقل الشيخ الجيلالي امتيرد في قصيدته عن سبعة رجال: اللي خفاه الصلاح يجي لبلدنا يقصد ناس مدينة الحضر مراكش بلد لقطاب والتنوير يزور ناسها ويتزها فقبوب سلطنا ويسلم لرجالها سبعة ويعد ترابها قدم بفقير.
لم يقتصر الزهد والتصوف والتبتل على الرجال فقط بل عرف تاريخ المغرب نساء زاهدات ورعات متبتلات لعل ابرزهن لالة زهرة بنت الكوش المراكشية. وهنا نبذة عن حياة هذه المتصوفة.
لالة زهرة بنت الكوش، العذراء، فقيهة وعالمة من اعلام التصوف المغربي و العالم الإسلامي؛ ولدت بمراكش، وهي من اشهر متصوفات القرن الحادي عشر في بلاد المغرب الاقصى. تذكر الروايات انها كانت حسنة المظهر إلا انها لم تتزوج قط واعرضت عن ذلك ولهذا اشتهرت بلقب "العذراء" حتى توفيت وضريحها شهير بمراكش على اعتاب جامع الكتبية.
ولادتها ونشأتها:
هي بنت الشيخ الكامل سيدي عبد الله الكوش ابن مسعود، عاشت في نهاية القرن السادس عشر وبداية القرن السابع عشر الميلادي. ونشأت في بيئة صوفية جزولية، وتشبعت بمبادئ وقيم والدها وزاويته، التي كان فرعا من مجموعة زوايا جزولية فرعت عن الزاوية الأم لصاحبها محمد بن سليمان الجزولي.
كان والدها يطعم ألفين ومئتي شخص ، فاشتهر بين أهل مراكش بالكرم، الشيء الذي أخاف السلطان السعدي زيدان بن أحمد المنصور منه وكانت أولى خطواته طلب مصاهرته، ولما رفضت زهراء الزواج من السلطان، تعرضت لمحنة الاعتقال والسجن، الى أن تدخل مجموعة من الفقهاء والأعيان ليطلق سراحها. دبر السلطان لوالدها مكيدة الاجهاز على املاكه بداعي التهرب من أداء الضرائب، وقام بنفيه الى مدينة فاس، بعد رفضه فرض إحدى الضرائب الجديدة على الزوايا في عصره ضمن ما يعرف ب"امتحان الزوايا".
تعليمها:
أخذت عن أبيها ""الولي سيدي عبد الله الكوش"، الفقيه العالم الذي لقنها أصول الشريعة الإسلامية و العلم و الفقه وهو شيخها في التربية الروحية و الصوفية، كما تأثرت بشخصيات نسائية زاهدات متصوفات من عصرها.
تجربتها الصوفية:
اشتهرت زهراء بكثرة الصلوات والأذكار والصدقة، وتصنف في الأوساط الصوفية بين أولياء الله المتبعين، والنساك الصادقين، العارفين. ورفضها الزواج من السلطان وتفضيلها لقب "أمة الله" عوض زوجة السلطان زاد من شهرتها. وتجربتها الصوفية تبقى فريدة، حيث يقول الباحث فريد الزاهي:«" تقدم لنا التجربة الصوفية ،صورة أخرى من صورة هذه الثنائية التي نحاول اكتناه مدلولاتها. فالتصوف تجربة للتعالي والتجرّد من الوسائط الطبيعية. لذا ليس من الغريب أن تتحول المرأة إلى كيان مقدس بدخولها التجربة الصوفية، التي من خلالها تتجاوز وضعيتها الدونية في التراتبية الوجودية. يكفي في هذا المضمار النظر إلى القيمة التي اكتسبتها المتصوفة الأولى "رابعة العدوية" في الحقل الثقافي العربي لكي يتبدى لنا أن المستوى الرمزي كفيل بتحرير الاجتماعي من مقدماته ونتائج، وقد عرف المجتمع العربي الكثير من المتصوفات اللواتي كن يتحولن إلى كيانات مُجاوزة للذكورة والأنوثة زهدا وتعبدا ومجاهدة في النفس. وتذكر المصادر مثالا على ذلك في المغرب "زهراء بنت الولي سيدي عبد الله الكوش..."»
وفاتها:
توفيت سنة 1027 هـ ودفنت بزاوية والدها الشيخ سيدي عبد الله الكوش التي سبق وان قام السلطان محمد الشيخ السعدي بنفيه منها، وضريحها يوجد بجوار الكتبيين بقبته البيضاء الفريدة وهو مغلق اليوم.
مراجع ومصادر:
* طبقات الحضيكي الجزء الاول ص 231
* السعادة الأبدية ج 2 – ص 87
* الإعلام الجزء الثالث ص 252 و الصفوة ص162
* سلوة الأنفاس، لعبد الحي الكتاني ص 205
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]